من المعلوم بالضرورة أن الثورات الناجحة هي التي تتخطى أثارها حدود التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتصل إلى تغيرات أهم وأعظم وهى التغيرات السلوكية البشرية وهو ما نتمناه بشدة كأمل نتوق إليه ونحلم به كمكتسب هدية من ثورتنا العظيمة ثورة 25 يناير ولان الطغيان والفساد السياسي ينعكس بشدة على سلوك المواطنين ويحولهم إلى تنابلة سلطان غير عابئين ولا مهتمين بحال البلد يرددوا ذلك المثل الحقير (أن خرب بيت أبوك خدلك منه قالب) ومن هذه القاعدة
اعتقد اننا كلنا لن نتوقع خيرا من مثل هؤلاء البشر على نطاق المستقبل القريب اللهم إلا إذا حدثت المعجزة وتغير سلوك هؤلاء التنابلة وهى معجزات ربانية لكي تتحقق تحتاج لظروف خاصة مرتبطة بمشيئة المولى عز وجل وتدبيره وحكمتة وحتى لا نطيل في التنظير والنصح ندخل للعبرة والعبرة هنا نستلهمها من قصة واقعية حدثت بالفعل وليس من دروب الفانتازيا أو الخيال العلمي فمن المعروف أن النظام السابق كن لا يألوا جهدا في إهدار موارد الدولة بكل همة ونشاط وبشكل خاص الموارد الطبيعية الغير متجددة مثل الغاز الطبيعي ولقد قامت حكومتنا الرشيدة بتصدير الغاز لكل من هب ودب بأسعار فكاهية جعلت المشترين أنفسهم يتندروا علينا ولسان حالهم يقول -ناس طيبين قوى- ومن هذه الشركات شركة اسبانية تعمل في تصدير الغاز المسال بعد استيراده من مصر ولقد علموا مسئولي هذه الشركة بوجود وفد رفيع المستوى برئاسة الوزير السابق رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة في حكومة الدكتور احمد نظيف المأسوف عليها و المقالة قبيل الثورة وللأمانة يحتفظ هذا الوزير برصيد ايجابي عند الشعب المصري إذا ما قورن برفقائه الآخرين بصرف النظر عن نتائج تحقيقات النائب العام معه والتي لم تنتهي بعد, المهم إن أصحاب الشركة الاسبانية أرادوا تقديم الشكر والعرفان لمصر على السعر الرائع الذي يشترون به الغاز وهو للطرافة 75 سنت للوحدة ولأن الدكتور رشيد يعلم أن هذا الشكر المنقول إليه يحمل في طياته تهكما دفينا على سذاجة المصريين في تعاملهم مع مواردهم الطبيعية تفتق ذهنه بسرعة على فكرة رائعة تستطيع أن تكسب الموقف بعض الهيبة المفقودة وأسرع يخاطب مسئولي الشركة الاسبانية باقتراح بدفع ضرائب نشاط استيراد الغاز لمصر حيث أن مصر تحاسب بواقع 20% كضرائب وهى قيمة اقل بكثير من نسبة المحاسبة الضريبية الاسبانية 40% خصوصا أن هناك اتفاقية مصرية اسبانية تمنع الازدواج الضريبي اى ان محاسبة احدى بلدى التبادل التجاري تغنى عن محاسبة الآخرى وبذلك يتحقق للشركة الاسبانية ربحا إضافيا 20% لو تم الحساب عن النشاط في مصر وذهل المهندس رشيد حينما سمع الرد بأن الشركة تشكر الوزير على اقتراحه لكنهم كمواطنين أسبان شرفاء ووطنيين يسعدهم أن يدفعوا ضرائب النشاط لاسبانيا اى كانت القيمة الضريبية ولا يسعدهم الهروب من واجبهم الوطنى لصالح اى دولة بديلة مهما كانت الارباح الشخصية المتحصلة من هذه العملية , إلى هنا و انتهت قصتنا الدرامية والسؤال هل أبناء وطني الأعزاء يستطيعوا التغير لمحاكاة هذا النموذج المحترم والتخلي تماما عن أسلوب التنابلة و عن أسلوب عشق الذات وتفضيل المصلحة الشخصية وإعلائها على اى قيمة وطنية أخرى مهما كانت النتائج إن حدث هذا فأعتقد أن مصر لن تنتظر طويلا حتى تصبح دولة عظمى بكل ما تحمل الكلمة من معاني وتكون ثورتنا حققت لنا معجزة سلوكية حقيقية يجب علينا جميعا أن نسعى اليها بكل قوة لادراكها وهذا الحلم بالمناسبة ليس على الله بعزيز طالما أن المعجزات تتحقق وشهدنا منها الكثير في أواخر الأيام لأن هذا التغيير هو التغيير الحقيقي الذي ينشده كل محب صادق لوطنه جعلنا الله من هؤلاء المخلصين فهو ولى ذلك والقادر عليه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق