المتحذلقون في مجتمعنا كثيرون والحذلقة داء بغيض تستطيع أن تلمحه كثيرا هنا أو هناك وهو ناتج دائما عن ضعف شديد في القدرات الشخصية ومهارات التعايش بالإضافة إلى جرعة لا بأس بها من الاعتزاز المفرط بالنفس والنرجسية مع خوف مسيطر من الانكشاف والتعري أمام الآخرين فيظلوا يدوروا في فلك ضيق ومحدود من محاولات التجمل واستخدام الأقنعة لإخفاء عيوب الشخصية مع احتفاء غير عادى بسفاسف الأمور على حساب جوهرها والتقديس الغير مسبوق للشكليات على حساب المضامين, ولأنهم مفلسون تماما من ناحية القدرة على انجاز حقيقي وجوهري في الناحية العملية تجدهم عباقرة في علم اللوع واللف والدوران واختلاق المبررات والعلل التي أدت إلى هذا ولم تؤدى إلى ذلك ,وكلما نفر منهم الناس ونبذوهم كانت ردة فعلهم هروبا لأعلى اى مزيد من التعالي والتكبر ليوهموا أنفسهم بأنهم نسيج مخملي غير مسبوق على طريقة عمنا الفنان الكبير عبد السلام النابلسي الذي كان دائما في الأفلام القديمة يظهر في شخصية الفقير البائس المطحون والغير عابئ بوضعه المزري ويتركز كل همه في كبريائه ومظهرة وكرامته مع شعوره المسيطر بان الحياة هزلت وتدلدلت و ترنحت وسامها كل مفلس ولكون المتحذلقون لا يمتون بصلة لهؤلاء الصوف الخشن أو ما يسمونهم الرعاع والذين حكمت ظروفهم البائسة أن يتشاركوا معهم نفس الحيز من الفراغ نجد أنهم في داخلهم يحملون كرها طبيعيا تجاههم بل أنهم يستكثرون عليهم الفتات ويعتبرون أن طمعهم في أكثر من هذا هو من باب إساءة الأدب وتجاوز الحدود ويا أيتها السماء ارسلى صواعقك لتلتهم هؤلاء الديدان الذين يفسدون علينا سعادتنا بمباهج الحياة
ومهما طال أمد الدهر وصبر الناس على هؤلاء المرضى نجد إنهم لا محالة يدفعون ثمن تكبرهم وتعاليهم على الناس حسرة ومرارة ووحدة وإهمال وانصراف من الجميع ليبقوا في الحياة كالتينة الحمقاء التي أزمعت ألا تثمر تعاليا وتوفيرا لجهدها وحتى لا ينصب خيرها إلا على ذاتها فقط وايضا حتى لا يستفيد اى مخلوق حقير من فيض عطاياها
فأصبحت مع مرور الوقت تينة عديمة الفائدة كئيبة المنظر تشكل حملا على البستان وعلى أقرانها من الأشجار اليانعة فكان مصيرها المشئوم هو أن تكون حطبا للبسطاء ليستفيدوا بما ضنت به عليهم من طاقة مختزنة حتى ولو للمرة الأخيرة
د. وائل موسى غيث
هناك تعليق واحد:
بارك الله فيكم
مدونة جد رائعة
تحياتي العطرة .
إرسال تعليق