الباب السادس:عصب الإدارة = العدل

ولأن العدل أساس الملك نستطيع أن نستعيض عن كلمة إدارة رشيدة بكلمة العدل واعتقد أنها سوف تؤدى نفس الغرض شكلا ومضمونا وحتى نبسط الأمور ننتقى كما تعودنا مثال بسيط  للتوضيح ألا وهو إدارة رب أسرة ما لبيته فلو فرضنا ا ن هذه الأسرة لديها ثلاثة أطفال وتستطيع أن تمنح كل واحد منهم مصروف يومي 10جنيهات بسهولة لكن الأب ميز بين أبناؤه فأعطى الكبير مثلا 20 وأعطى أخوية كل واحد خمسة جنيهات ماذا تتوقع بعد فترة من الزمن؟!! حقد وبغضاء بين الإخوة الصغار وفرقة تزيد مع الأيام لكن لو أعطينا كل واحد من الثلاثة جنية واحد فقط يوميا سينشأ الصغار بلا ضغينة مع أن النظرة السطحية تشير إلى أن الثلاثة في هذه الحالة أكثر خسارة وفقرا  على المستوى الفردي مقارنة بالحالة الأولى ولكن الثلاثة على المستوى الجماعي أكثر تماسك وتعاطف مما سوف ينعكس  تعاضد أكثر ولحمه أشد حينما تقابل الأسرة مشكلة ما تحتاج إلى عمل مشترك بين الإخوة الثلاثة سوف يستثمر هذا الحب والود المزروع منذ الصغر مما سوف يدر نفعا عظيما على الثلاثة ربما لا يقدر بمال أحيانا وعلى نفس المنوال والدرجة جريمة التفرقة في المعاملة وهى اشد خطورة بالمناسبة ,كأن يستلطف الأب احد أبناؤه بدرجة اكبر من أخوية ويميز بينهم في النظرة والابتسامة والكلمة واللمسة كل هذا سوف يبذر بذور شيطانية من الحقد والحسد والغيرة سوف تروى مع الأيام بماء الغل لتنبت أشجار ضخمة من الكره المرير تلتف أغصانها لتحيط برقاب الجميع  ثم نسمع نفس الأب يشتكى فيما بعد لماذا يفعل أبنائي يبعضهم هكذا؟ لقد ربيتهم بمال حلال أنهم كالأسماك يأكل بعضهم بعضا وهو لا يعلم انه يحصد ما زرعت وروت يداه.
وإذا ما طبقنا هذا المثال البسيط على مستوى اكبر فصل ثم مدرسة ثم مؤسسة عمل ثم مجتمع في بلد ما إلى أن نصل إلى وطن بل أوطان فسوف نتحصل على نتائج مشابهة جدا للحالة السابقة ففي حالة غياب العدالة توقع دائما مصير الأسرة المفككة المتناحرة والذي طال ربها قبس بسيط من دخانها هذا أن لم تأكله النيران بنفسها فيما بعد, لذا عظم ديننا الحنيف من قيمة العدل وجعل تطبيقه على من نحب ونكره بنفس الدرجة من صلاح الدين والدنيا كما قال سيدنا ومعلمنا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام  "لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها" ولكوننا كلنا جميعا مقصرين فأننا نعتذر منك يا رسول الله لأننا لم نستوعب الدرس  فكم من أيادي تستحق القطع نجت من مصيرها لقربها من القيم المحاسب وكم من أيادي ورقاب بريئة أطيح بها لأسباب واهية يطول الحديث عن تفاهتها وسخافتها في هذه الأيام وفى هذه الأوطان الغارقة حتى أذنيها في الظلم والقهر والفقر وحيث أن دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب هي أخر سلاح المستضعفين والذي حاول المشرع أن يجعلها ضمانة لسريان العدل وردع الظالم لما يعلم به بالضرورة من أهمية لميزان العدل حتى يستقر ويستقيم الكون ويتحقق الأمن المطلوب للإعمار والبناء فلابد أن يستقر في ذهن وفؤاد كل راع ومسئول راغب في النجاح وفى رضي ربه  أن ميزان العدل هو الضمانة الأولى والأخيرة لنجاح مشروعة أو مهمته التي وكلت إليه لأدارتها وان العدل يسرى بين مرؤوسيه سريان الماء في الآنية المصقولة بسرعة وسهولة وكذلك يسرى غياب العدل والإنصاف فيعم الفساد والإفساد ويصبح الوضع كالغابة يأكل سكانها بعضهم بعضا حتى تقضى لواحمها على أكلة عشبها فينقرضوا فتموت السباع بعد ذلك لعدم وجود ما تقتات علية وتزول ليبقى العدل ديان السموات والأرض ليقتص من الجميع يوم الحساب وللحديث بقية إنشاء الله.

ليست هناك تعليقات: